لطالما كان زيت الزيتون، المعروف بـ”الذهب السائل”، أكثر من مجرد سلعة غذائية؛ إنه محرك اقتصادي وثقافي عميق الجذور في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ويؤثر بشكل متزايد على الأسواق العالمية. قيمته الاقتصادية لا تكمن فقط في كونه مكونًا أساسيًا في المطبخ، بل في حجم التجارة الضخم الذي يمثله، والذي يتأثر بتفاعلات معقدة بين العرض والطلب، والظروف المناخية، والسياسات التجارية الدولية.
وفي ندوة نظمها المجلس التصديري للصناعات الغذائية لاستعراض دراسة فرص تصدير زيت الزيتون وتطورات الإنتاج العالمي للزيتون وحركة التجارة الدولية وألقى الكلمة الافتتاحية مي خيري المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية واستعرض الدراسة الدكتور تميم الضوي نائب المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية.
وكشف الدكتور تميم الضوي، أن عام 2024 شهد قفزة تاريخية في واردات زيت الزيتون عالميًا، مسجلاً حوالي 17 مليار دولار أمريكي، وهو الرقم الأكبر على الإطلاق، وذلك وفقًا لبيانات مركز التجارة الدولية (ITC).
نمو قياسي في القيمة وتحديات في الكميات
أوضح الدكتور الضوي أن قيمة الواردات العالمية من زيت الزيتون شهدت نموًا ملحوظًا بنسبة 20% سنويًا خلال الفترة من 2020 إلى 2024. فبعد استقرار عند نحو 8 مليارات دولار بين عامي 2015 و2017، ارتفعت الواردات إلى 9 مليارات دولار في 2018، قبل أن تتراجع مؤقتًا إلى 7 مليارات دولار في 2019. ومع ذلك، عادت القيمة للارتفاع بقوة لتصل إلى 8 مليارات دولار في 2020، ثم 11 مليار دولار في 2022، و12 مليار دولار في 2023، لتصل إلى ذروتها في 2024.
على الرغم من هذا الارتفاع الكبير في القيمة، أشار الضوي إلى تباين في الكميات المستوردة. فبينما بلغت الواردات العالمية حوالي 1.5 مليون طن في 2015، وصلت إلى 1.8 مليون طن في 2024.
لكن الملفت أن أعلى كمية مسجلة عالميًا كانت في عام 2022 بحوالي 2.4 مليون طن، مع ملاحظة أن إجمالي الكميات المستوردة شهد تراجعًا بنسبة 5% تقريبًا خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وعزا الضوي هذا الارتفاع في القيمة إلى النقص في الكميات المعروضة عالميًا من زيت الزيتون، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث بلغ متوسط قيمة الطن عالميًا حوالي 9000 دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 39% في قيمة الواردات من 2023 إلى 2024.
الولايات المتحدة وإيطاليا تتصدران قائمة المستوردين
تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكبر الأسواق المستوردة لزيت الزيتون عالميًا في عام 2024، مستحوذة على 20% من إجمالي الواردات العالمية بقيمة 3.3 مليار دولار وكمية 366 ألف طن. وأشار الضوي إلى أن الميزان التجاري لزيت الزيتون في الولايات المتحدة يعاني من عجز كبير يبلغ حوالي 320 مليون دولار.
جاءت إيطاليا في المركز الثاني بنفس النسبة (20%) من إجمالي الواردات، بقيمة 3.2 مليار دولار وكمية 415 ألف طن.
وتمثل كل من الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا (9%) وفرنسا (6%) والبرازيل (5%) أكثر من 55% من حجم الواردات العالمية، كما شملت قائمة كبار المستوردين دولًا مثل ألمانيا والبرتغال وإنجلترا واليابان وكندا.
وفي الربع الأول من عام 2025، كانت إيطاليا الأعلى استيرادًا بقيمة 839 مليون دولار، تلتها الولايات المتحدة بحوالي 700 مليون دولار.
إسبانيا تهيمن على الصادرات العالمية
فيما يتعلق بأكبر الدول المصدرة لزيت الزيتون عالميًا لعام 2024، أكد الضوي أن إسبانيا تصدرت القائمة كأكبر دولة مصدرة، حيث بلغت قيمة صادراتها 6.3 مليار دولار، وتمثل 40% من إجمالي الصادرات العالمية لزيت الزيتون في 2024. وأشار إلى أن هذا الرقم يتجاوز إجمالي صادرات القطاع الغذائي في مصر بالكامل، والذي يبلغ حوالي 6.1 مليار دولار.
وجاءت إيطاليا في المركز الثاني كأكبر مصدر بنسبة 20% من الصادرات العالمية، بقيمة 3.2 مليار دولار. وتهيمن إسبانيا وإيطاليا معًا على 60% من التجارة العالمية لزيت الزيتون.
وأضاف الدكتور الضوي أن البرتغال (11%) وتونس (11%) واليونان (6%) تشكل، مع إسبانيا وإيطاليا، الدول الخمس المهيمنة على 88% من تجارة زيت الزيتون العالمية في 2024، وقد بلغ متوسط سعر الطن المصدر من إيطاليا الأعلى بحوالي 10500 دولار للطن.